سنوقع اتفاق سلام مع لبنان

عندما نصفي دولة حزب الله سنوقع اتفاق سلام مع لبنان

  • عندما نصفي دولة حزب الله سنوقع اتفاق سلام مع لبنان

اخرى قبل 5 سنة

عندما نصفي دولة حزب الله سنوقع اتفاق سلام مع لبنان

في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ساد بين مستشرقينا القول «إننا لا نعرف الدولة الأولى التي ستوقع على اتفاق سلام، ولكننا نعرف الثانية». وهذه هي لبنان الصغير، دولة منقسمة وممزقة بين المسلمين والمسيحيين، بين الشيعة والسنة، بين الجنوب والشمال، بين الغرب والشرق. صحيح أنها كانت معملاً للقومية العربية المستيقظة في بداية القرن العشرين، ولكنها بحثت في الغالب عن الهدوء والسكينة، والحياة الطيبة.

مع السنين تبدد تماماً هذا القول الاستشراقي الهاذي. ولم تكن المملكة الأردنية هي الدولة الثانية التي وقعت معنا على اتفاق سلام، بل إن لبنان ـ الذي اعتبر دولة معتدلة نسبياً ـ يحدق منه التهديد الأكبر على مواطني إسرائيل.

يجدر بنا مع ذلك أن نذكر الاتفاق الذي وقع في أيار 1983 بين إسرائيل و «حكومة الجمهورية اللبنانية» وصمد أقل من سنة. ففضلاً عن الكلمات الجميلة عن الالتزام بحماية الحدود واحترام الأراضي الإقليمية لكل طرف، حيث كان يعني الاتفاق «التعهد المتبادل بمنع أعمال الإرهاب من أراضي كل دولة، أو المساعدة عبر طرف ثالث في المس بها».

إن لبنان الضعيف هو الذي ألغي الاتفاق، بضغط من محافل الإرهاب والدول العربية. ومنذ 30 ـ 40 سنة تضطر إسرائيل المرة تلو الأخرى «للتنزه» في نطاق جنوب لبنان، وأن تسكب هناك دم جنودها، وتسيطر لفترات طويلة، بالتبادل، على أقاليم بين حدودنا الشمالية وأطراف بيروت، كي تضمن سلامة الجليل. لبنان، ليس كالضفة الغربية، لا يعتبر من ناحيتنا من أقاليم الوطن، وليس لإسرائيل أي مطالبة أيديولوجية فيه، ولكن بالذات بسبب ضعفه، فإن التهديد المحدق منه يتعاظم ويستدعي جواباً من جهتنا.

على مدى السنين، خرجت من الأراضي اللبنانية خلايا من المخربين الشيعة لعقد كمائن لقواتنا ولقتل مستوطنينا. كانت تسللات من البحر، وغزانا طيارون شراعيون، وأطلقت صواريخ. منذ 1982 ونحن نتصدى على التوالي للتهديدات من الحدود اللبنانية. وفي «سيرتنا الذاتية» العسكرية تُسجل «حربا لبنان»، فيما أعمالنا تكسبنا هدوءاً مؤقتاً ولكنها لا تضع حداً واحداً وإلى الأبد للشر من الشمال. فضلاً عن ذلك، فبأيدينا فاقمنا الوضع ـ سواء بالانسحاب أحادي الجانب في العام 2000 أم في ترك مقاتلي جيش لبنان الجنوبي لمصيرهم.

ينقسم لبنان اليوم إلى اثنين: الجنوب الذي يسيطر عليه حزب الله، والشمال الذي تسيطر فيه الحكومة في بيروت. تدعي الحكومة بأنها صاحبة السيادة على كل الأرض، أما عملياً فتأثيرها على ما يجري تحت أنفها صفري. منظمة إرهابية شيعية تعاظمت جداً واكتسبت سلاحاً متطوراً وتجربة عسكرية، منذ «هرب» الجيش الإسرائيلي بأمر من إيهود باراك، تفعل في الجنوب كما تشاء، وتنغص حياة السكان وتحاول المرة تلو الأخرى التنكيل بإسرائيل.

يعكس عجز الحكومة اللبنانية عدوان الأنفاق التي اكتشفها الجيش الأسبوع الماضي. وفضلاً عن عشرات آلاف الصواريخ التي تنتظر يوم الأمر، فإن حزب الله، مثل حماس في القطاع، يستثمر أيضاً في بناء أنفاق هجومية. والهدف هو تحقيق صورة نصر: قتل يهود، واختطاف جنود، وربما احتلال بلدة إسرائيلية.

في الوضع العبثي الذي انكشف أمامنا، فإن الأصوات التي تنطلق من بيروت تثير السخرية. ليس حقنة تحريض لرئيس منظمة الإرهاب الذي يختبئ في خندقه، بل همس من يدعي أنه رئيس وزراء وصاحب السيادة على كل لبنان. هذا هو سعد الحريري، الذي سارع إلى الإعلان بأن «حكومة لبنان ملتزمة تماماً بقرار 1701 وبالتعاون والتنسيق بين السلطات في الدولة وبين قوات الطوارئ الدولية. جيش لبنان هو المخول بضمان سلامة الحدود، والحكومة متمسكة بحماية سيادتها وسلامة حدودها».

الحكومة في بيروت هي نكتة واحدة كبيرة. وحتى قرار 1701، الذي اتخذته الأمم المتحدة بعد حرب لبنان الثانية والذي يحظر إدخال أسلحة إلى جنوب لبنان، ليست قادرة على أن تنفذه إلا بالهراء. فهي تغض النظر عن الخرق الفظ لكل قانون ونظام. ولا تزال، من ناحية إسرائيل، هي التي تتحمل المسؤولية عن كل أعمال الإرهاب في القرى الهادئة في الجنوب. وإسرائيل ستتحمل المسؤولية عن كشف الأنفاق التي حفرت إلى أراضينا، بل سينتقل انعدام البديل إلى هجوم حاسم كي يصفي دولة حزب الله، فرع إيران. عندما سيحصل هذا، فإن الحريري أيضاً (إذا ما بقي حتى ذلك الحين ولم يصف مثل أبيه على أيدي خصومه من الداخل) سيتنفس الصعداء. عندها لعله لبنان سيكون الدولة الثالثة التي ستفضل التوقيع معنا على اتفاق سلام، إن شاء الله.

يوسي احيمئير

معاريف 10/12/2018

 

التعليقات على خبر: عندما نصفي دولة حزب الله سنوقع اتفاق سلام مع لبنان

حمل التطبيق الأن